புதன், 10 ஆகஸ்ட், 2011

هم الآخرة،








الخطبة الأولى:



الحمد لله المحمود في عليائه الواحد الماجد الفرد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد الذي أنار الدرب لأوليائه وبصرهم إليه ويسره لهم القائل في كتابه { وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى } (الضحى:4) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اشد الناس وجلاً من ربه والقائل ( لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيراً و لضحكتم قليلاً و لخرجتم إلى الصعدات، تجأرون إلى الله) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أم بعد:



فاتقوا الله تعالى أيها الناس واعدوا لما بعد الموت : ولا تغتروا بسعة حلم الله عليكم في حياتكم، فإن الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء.



عباد الله: إن المتأمل في حال الناس يجدهم عند شروعهم في أي عمل لا بد أن يخططوا لهذا العمل ودراسة جادة ذلك بحسب همومهم وبحسب أهمية العمل. فالجميع حريصون على أن يخرجوا بعد هذه الدراسة وهذا التخطيط، وعمله ناجحاًُ بنسبة عالية فيكون هذا الأمر هو همه الأول والأخير و لكن هل خطط أحدنا وقام بدراسة جادة مجدية للآخرة فيكون همه هو نجاحه في الوصول إليها سليماً من البلايا وقد جعل مطيته الدنيا غير مغتراً يزخرفها وبهرجتها إن هذا الهم هو الذي ينبغي أن يكون في قلوبنا جميعاً. فهل فكر أحدٌ مجرد تفكير فقط في هذا الأمر؟ لا... إلا من رحم الله...



أحبتي من منا يُمضي يومه يتذكر فيه مصيره. من منا إذا رأى شيئاً في الدنيا ربطه بآخرتة. من منا إذا تحدث بحديث جعل للآخرة نصيباً منه. من منا إذا فرح، فرح للآخرة. وإذا حزن، حزن للآخرة. وإذا رضي فللآخرة وإذا غضب فللآخرة وجعل كل حركاته وسعيه للآخرة. اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا.



عباد الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هاذين الصنفين في الحديث الذي أخرجه الترمذي وصححه الألباني عن أنس رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان همه الآخرة، جمع الله له شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا راغمه ومن كانت همه الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له ). ووردت رواية أخرى عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه فلم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.



عباد الله : إن صاحب الهم الأخروي الذي جرد نفسه لله ولم يجعل في قلبه أحد سواه أنعم الله عليه بثلاث نعم ( ونعم الله لا تحصى ) لو يعلم بها أهل الدنيا لجالدوه عليها بالسيوف حتى يأخذوها منه وإليك أخي الكريم أولى هذه النعم.



جمع الشمل والأمر: وهو الاجتماع وكل ما يحيط بالإنسان، فإن الله سبحانه وتعالى يعطيه السكينة، والطمأنينة ويجمع عليه أفكاره ويقلل نسيانه، ويجمع عليه أهله، ويزيد من المودة بينهما ويجمع عليه أبناءه، وييسرهم له ويجمع عليه أقربائه، ويبعد عنه الشقاق، ويجمع عليه ماله، فلا يتشتت بتجارة خاسرة، أو تصرف أحمق، ويجمع القلوب عليه بعد أن يكتب له القبول في الأرض، فلا يراه أحد إلا أحبه، ويجمع عليه كل ما يحيط به من أمور الخير جميعها.



أما النعمة الثانية : والتي يمنها سبحانه وتعالى على صاحب الهم الأخروي هي من أجل النعم ألا وهي نعمة ( غنى القلب ) إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس ) قال الإمام المناوي صاحب فيض القدير عند شرح هذا الحديث ( يعني ليس الغنى المحمود ما حصل عن كثرة العرض والمتاع، لأن كثيراً ممن وسع الله عليه لا ينتفع بما أوتي. بل هو ماضي متجرد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه. فكأنه فقير لشدة حرصه فحريص فقير دائماً، ( ولكن الغنى ) المحمود المعتبر عن أهل الكمال ( غنى القلب ) وفي رواية النفس وهو استغناؤها بما قُسم لها، وقناعتها ورضاها به بغير إلحاح في طلب ولا إلحاف في سؤال، ومن كفت نفسه عن المطامع قرت وعظمت، وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من كان فقير النفس فإنه يورطه في رذائل الأمور و خسيس الأفعال، لدناءة همته، فيصغر في العيون ويحتقر في النفوس، ويصير أذل من كل ذليل ) أ.هـ أما الغني بالمال، الفقير القلب. فإنه يلهث كما يلهث الوحش بجمع المال وهو يملك الملايين ولكن لأنه غير قانع بما رزقه الله فإنه فقير، فقد اتخذ المال إله من دون الله، فالفقير هو الذي يشعر بانعدام المال عنده، والحاجة الدائمة إليه، اللهم اجعل غنانا في قلوبنا وآخر نعمه يمنها الله على صاحب الهم الأخروي : هي مجيء الدنيا فصاحب هم الآخرة، يهرب من الدنيا وزينتها يخشى فتنتها وزخرفها وهذا لا يعني أن ينقطع عنها ويهرب تهرب الغلاة والضالين. كلا، بل يأخذ منها قدر ما يبلغه إلى الآخرة ومع إعراضه عنها، متبعاً هدي نبيه صلى الله عليه وسلم يقول ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) وقوله ( إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم تركها وارتحل ) إلا أنها تأتي إليه ذليلة صاغرة دون جهد وعناء وهو ليس بحاجة إليها لأنه جعل همه الآخرة فكفاه الله هم الدنيا وأتت إليه راغمة وأما الذي كانت الدنيا همه، فلا يفكر إلا فيها ولا يعمل إلا لها ولا يهتم إلا من أجلها، ولا يفرح إلا لها ولا يوالي أو يعادي إلا فيها، فهذا يعاقبه الله بثلاث عقوبات أولها:



تشتت الشمل والأمر: فيفرق الله عليه شمله وأمره فما من شيء كان يحط به إلا مزقه الله عليه. فتراه متشتت البال، والفكر، و مضطرب النفس، كثير القلق على كل أمر مهما كان تافهاً، يفرق عليه ماله فلا يوفق في تجارة أو عمل ويفرق عليه أبناءه وزوجه فيرى عقوقاً دائماً يزيد همه وغمه، ويجد من زوجه تأففاً وتمرداً وشكوى لا تنقطع تجعله يتمنى الخلاص من الدنيا من شدة ما يجد. ويفرق الله الناس عنه فلا يحبه أحد، بعد أن كتب الله له البغضاء في الأرض نسأل الله العافية والسلامة.



العقوبة الثانية التي تصيب صاحب الهم الدنيوي: الفقر اللازم وإن كان غنياً، فيجعله لا يشعر بالقناعة أبداً مهما ملك من المال، يشعر دائماً بالفقر والحاجة، يجعله يجري ويلهث وراء المال كلما ازداد شعوره بالفقر وهذا مما يزيد في تعبه وهمه وقلقه. اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا.



أما العقوبة الثالثة و الأخيرة: فإنها هروب الدنيا فتجده دوما يطلبها وهي دوماً هاربة منه ويطلبها وهي تبتعد عنه يجري وراءها كما يجري من يحسب السراب ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً فهو يسعى للمنصب والجاه والشهرة والثناء وغيرها فهو يهلك نفسه من أجل ذلك ولا يأتيه من الدنيا غير ما كتب له ولكن ذلك عقوبة من الله له وهذا ما جعل عثمان بن عفان ذو النورين رضي الله عنه يقول فيما روي عنه ( هم الدنيا ظلمة في القلب، وهم الآخرة نور في القلب ). اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا.



الخطبة الثانية:



الحمد لله اللطيف المنان الرحيم الرحمن الحمد لله الذي جعل هم المؤمنين في الآخرة منحة منه وفضلاً وجعل هم العابثين اللاهيين في الدنيا حكمة منه وعدلاً سبحانه وهو الرءوف الرحيم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل في الحديث الحسن الذي ورد عنه ( من جعل الهموم هما واحداً هم المعاد، كفاه الله هم الدنيا، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا، لم يبال الله في أي أوديتها هلك ) صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد :



فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في الطلب ولا تقعدوا عن الأخذ بالأسباب في أمور حياتكم بحجة الزهد في الدنيا والتعبد لله فإن خير الناس محمد صلى الله عليه وسلم كان أزهد الناس في الدنيا وأكثرهم تعبداً لله تعالى وأشدهم خوفاً له ومع ذلك لم يترك الدنيا كلها بل تزوج النساء وصلى ونام وأكل اللحم وصام وأفطر فلكم فيه صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ولكن المقصود بهذا الحديث الذين غرقوا في الدنيا ونسوا الآخرة الذين يعملون للمال والمنصب والجاه والسلطان والزوجة والأولاد الذين يعقلون عن الله والدار الآخرة تارة ويرجعون تارة فالحديث إليهم أما الذي يحمل الهم الأخروي دوماً قلباً وقالباً إليك بعض صفاتهم :- علموا ما هو دورهم بوضوح ( إصلاح النفس – إصلاح غيرهم – استخدام وسائل الدنيا للوصول للآخرة بسلام) هذه مهمتهم في الدنيا العبادة لله وحده لا شريك له هم يعلمون أن الله يرحم ويغفر ويعفوا إلا أنهم لم يتكلوا على ذلك بل يندموا على كل تفريط وتقصير وذنب يقترفونه في جنب الله مهما صغر لأنهم علموا أن الذي يُعصى هو الله العظيم الجليل جل في علاه وتراهم يحزنون لمصاب المسلمين وما يقع عليهم من ظلم وجور وما يصيبهم من بلاء.إنها نفوس ملئت رحمة ورأفة بسبب هم الآخرة الذي غلب على قلوبهم. ولا يفهم من حزنهم هذا أن يكونوا عابسي الوجوه مقطبي الحواجب كلا فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يتألم لمصاب المسلمين وكان يبكي عليهم ومع ذلك يضحك ويداعب ويحادث الناس ولكن لكل مقام مقال.وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك وبقدر ما تحزن للدنيا بقدر ما يخرج هم الآخرة من قلبك ويصاحب هذا الحزن خوف من الله على المحاسبة يوم القيامة. ومن صفات صاحب الهم الأخروي المحاسبة الدائمة وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يقول ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر ) فترى صاحب الهم الأخروي دائماً محاسباً لنفسه على كل قول أو فعل وقال الحسن البصري في تفسير قوله تعالى {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} القيامة: 2 : هي والله نفس المؤمن، ما يرى المؤمن إلا يلوم نفسه ما أرادت بكلامي ؟ ما أردت بحديث نفسي ؟ والفاجر لا يحاسب نفسه وهذا الحزن وتلك المراقبة، لم تكن قيداً يكبلهم في زوايا المساجد أو البيوت يبكون على أنفسهم ويتركون أهل الباطل والضلال دون إصلاح وإنكار لأنفسهم ولمن حولهم كلا بل الحزن الذي في قلوبهم هو المحرك لهذا العمل فيصلحون أنفسهم ويصلحون غيرهم ويصبرون على البلاء والأذى الذي يلاقونه، والمقصود بالعمل الصالح كل عمل يحبه الله تعالى من قول أو فعل ظاهر أو باطن. والصفة البارزة في حياتهم تأثرهم بمشاهد الموتى وحالاتهم فهم بسبب حياة قلوبهم يربطون كل أمر في الدنيا بالآخرة فالموت يذكرهم بدنو الأجل مما يجعلهم يدأبون في العمل للآخرة حتى يقدموا لأنفسهم عملاً صالحاً يرفعهم إلى أعلى الدرجات في الجنات وهذه بعض ابرز صفات أصحاب هم الآخرة، جعلني الله وإياكم منهم وغيرها كثير : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً.كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً

கருத்துகள் இல்லை: