புதன், 10 ஆகஸ்ட், 2011

للذاكرين فقط

للذاكرين فقط




الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، وحبيب الذاكرين، ومؤنس وحشة الطائعين القانتين:



وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي متـأخر عنه ولا متقـدم



أجـد المـلامة في هواك لـذيـذة حبـاً لذكرك فليلمني اللُّوَّم



الحمد لله حمداً يفوق حمد الذاكرين، ويبلغ بصاحبه درجة الصديقين، ويخوله إلى مرافقة سيد المرسلين في جنات النعيم،



اللهم لك الحمد الذي يكون لديك مرضياً، وبأداء حق جلالك وعظمتك وكمالك وفياً، وارزق قائله وسامعه عندك مكاناً علياً؛ إنك كنت بنا حفياً



تشكى المحبون الصبـابة ليتني تحملت ما يلقون من بينهم وحـدي



فكانت لقلبي لذة الحب كلها فلم يلقــها قبلي محب ولا بعـدي



وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله



فلقد سرت مسرى النجوم همومـه ومضت مضي الباترات عزائمه



أما بعد:



أيها المسلمون سنعيش - بإذن الله - هذه اللحظات في رحلة ماتعة مباركة في سفينة كسفينة نوح: فيها من كلٍ زوجين اثنين، لكن سفينتنا هذه فيها من كل خير وبركة، وثواب وفوز، وفلاح؛ زوجين اثنين، بل فيها من كل زوج بهيج، إنها سفينة ذكر الله - تعالى -، وفي موضوع شيق ماتع جليل: إنه موضوع بشائر وجوائز للذاكرين يقول ابن القيم - رحمه الله -: "وعلى قدر محبة الله تكون محبة كلامه، فمن أحب محبوباً أحب حديثه، والحديث عنه كما قيل:



إن كنت تزعم حبي فلم هجرت كتابي



أما تأملت مـا فيه من لذيذ خطـابي



وكذلك محبة ذكره - سبحانه وتعالى - من علامات محبته، فإن المحب لا يشبع من ذكر محبوبه بل لا ينساه؛ فيحتاج إلى من يذكره به، وكذلك يحب سماع أوصافه وأفعاله وأحكامه، فعشق هذا كله من أنفع العشق، وهو غاية سعادة العاشق، ولكن عشق هذه الصفات إنما يناسب الأنفس الشريفة الزكية؛ كما أن محبة الله، ورسوله، وكلامه، ودينه؛ إنما تناسب الأرواح العلوية السمائية الزكية لا الأرواح الأرضية الدنية، فإذا أردت أن تعرف قيمة العبد وقدره فانظر إلى محبوبه ومراده، واعلم أن العشق المحمود لا يعرض فيه شيء من الآفات"1 أ. هـ.



نعم أيها المسلمون: إن ذكر الله علامة على حبه، والأنس به سبحانه؛ لذلك أعدَّ الله لهؤلاء الذاكرين هدايا وبشائر تسابق لها الأبرار، وسعى لنيلها الصادقون، فإليكم أيها المسلمون الكرام بعض هذه البشائر:



- عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قرأ آية الكرسي دُبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت))2. الله أكبر ما أعظمه من ثواب، وما أجلَّه من مقام، فهيا أيها المبارك أُحْدُ بنفسك وحاورها: "يا نفس بادري بالأوقات قبل انصرامها، واجتهدي في حراسة ليالي الحياة وأيامها، فكأنك بالقبور وقد تشققت، وبالأمور وقد تحققت، وبوجوه المتقين وقد أشرقت، وبرؤوس العصاة وقد أطرقت"3.



- عباد الله ومن بشائر الذاكرين قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((من قال سبحان الله العظيم وبحمده غُرِسَت له نخلة في الجنة))4 "يعني أن الإنسان إذا قالها يغرس له في الجنة غرساً في كل كلمة"5.



شكري لربيَ شكراً غير منقطع ونفح بشرى به أذكى من الزّهر



- وزف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه البشرى للذاكرين فقال: ((من قال: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً؛ وجبت له الجنة))6 فسبحان الله "وجبت له الجنة" وما أدراكم ما الجنة!



فلله ما في حشوها من مسـرة وأصنــــاف لذات بها يتنعم



ولله برد العيـش بين خيامـها وروضاتها والثغر في الروض يبسم



ولله واديها الذي هو موعد الـ مـزيد لوفد الحب لو كنت منهم



بذيالك الوادي يهيم صبــابة محب يرى أن الصبـــابة مغنم



ولله أفـراح المحبــين عندما يخـــاطبهم من فوقهم ويُسلّم



ولله أبصار ترى الله جهــرة فلا الضيم يغشاها ولا هي تسـأم7



هذا كله؛ لأنهم آمنوا بربهم وذَكَروه.



- أيها المسلمون: واسمعوا إلى هذه البشائر العظام، والجوائز الكبار التي جعلها الله لأوليائه الذاكرين له بكلمة التوحيد خاصة: (لا إله إلا الله)، وما أكثر الأحاديث في فضلها، لكن نذكر منها:



· حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من قال في دبر صلاة الغداة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد؛ يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير؛ مئة مرة، وهو ثان رجليه؛ كان يومئذ أفضل أهل الأرض عملاً، إلا من قال مثل ما قال، أو زاد على ما قال))8 {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}9



وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام



· ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ بعدما يصلي الغداة عشر مرات؛ كتب الله - عز وجل - له عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكنَّ له بعدل عتق رقبتين من ولد إسماعيل، فإن قالها حين يمسي كان له مثل ذلك، وكنَّ له حجاباً من الشيطان حتى يصبح))10.



· بل لقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((أبشروا وبشروا الناس، من قال: لا إله إلا الله صادقاً بها دخل الجنة))11، فكن أخانا عالي الهمة في الذاكرين، واجتهد ألا يأتي أحد يوم القيامة أكثر منك ذكراً لله - جل وعلا -



إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم



· وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على شيء قدير؛ في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك))12 يقول ابن القيم - رحمه الله -: "اعلم أن أشعة لا إله إلا الله تبدد ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه، فلها نور، وتفاوت أهلها في ذلك النور لا يحصيه إلا الله - تعالى -، فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس، ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم، وآخر كالسراج الضعيف، ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة علماً وعملاً، ومعرفة وحالاً) {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} وبقدر ما تتعنى تنال المنى.



إخواني: المؤمن مع نفسه لا يتوانى عن مجاهدتها، وإنما يسعى في سعادتها، فاحترز عليها، واغتنم لها منها، فإنها إن علمت منك الجد جدَّت، وإن رأتك مائلاً عنها صدَّت، وإن حثها الجد بلحاق الصالحين سعت ولحقت



والنفس كالطفل إن تتركه شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم



"أخي المسلم .. أختي المسلمة: تأمل معي لو أجهدت نفسك في التسبيح المتواصل طوال اليوم فلن تبلغ مئات الآلاف من المرات فضلاً على ملايين المرات، مع ما سيفوتك من المصالح الأخرى، ولكن جاء فضل الله على هذه الأمة ليدلنا على كلمات قصيرة جامعة يكتب الله بها ثواباً لا يحصيه العاد، تخيل معي أخي الحبيب كم عدد خلق الله في هذا الكون، وتخيل ضخامة هذا الرقم الفلكي الذي يحوي بلايين من الملائكة والإنس، والجن والنجوم، والبهائم والطيور، والأسماك والحشرات، والنباتات والرمال، وغيرهم كثير من مخلوقات الله، فهؤلاء لا يحصيهم بشر.. لكن الله واسع الفضل يعطيك بعددهم حسنات، بعدد هذه المخلوقات كلها!! مقابل ماذا لكن؟



هل ذلك مقابل أن تقتل نفسك في سبيله؟ أم مقابل أن تتصدق بجميع أموالك؟ أم مقابل أن تتغرب عن أهلك ووطنك للجهاد في سبيله؟



لا يا أخي الحبيب - رغم عظمة هذه الأعمال -، إن الله أعظم فضلاً، وأرحم بك أيها المسلم وأيتها المسلمة، إن الله يعطيك تلك الحسنات كلها مقابل أن تقول فقط ثلاث مرات: ((سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضى نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته))13 فيعطيك الله حسنات بقدر تسبيحك له - والتسبيح معناه تنزيه الله عن النقائص سبحانه - فيعطيك حسنات عدد خلقه سبحانه، ورضى نفسه، وزنة عرشه الذي قال الله عنه {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}14، فيعطيك الله بوزنه حسنات بفضل الله وكرمه، وشهادة عبده الصادق المصدوق - عليه الصلاة والسلام - {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}15.



أخي المسلم .. أختي المسلمة: بعد سماع هذه البشائر للذاكرين الله - تعالى - فهل ستفارق مثل هذا الذكر؟ وهل ستفارق مثل هذه الحسنات الهائلة؟ والله لا يفارق الذكر بعد هذه الفضائل إلا مخذول أو جاهل، أليس تسبيحك أيها المسلم وأيتها المسلمة بمثل هذه العبارات القليلة السهلة، وتكرارك لها؛ خير لك من أن تردد كلمات أغنية أو لهو أو فجور، لا تكسب من ورائها شيئاً من الحسنات، بل قد تتحمل أوزاراً وسيئات - عافاني الله وإياكم -؟"16.



فهيا معي إلى هذه الجنة الوارفة الظلال، اليانعة الثمار، البديعة الجمال، هيا إلى جنة {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }17:



يا كل من أتعبته الأزمات، وحرقته الآلام، ولسعته المصائب، وطارده الحزن في كل مكان {فاذكروني أذكركم}، أنظر إلى هذه الآية العجيبة {فاذكروني أذكركم}، "يا للتفضيل الجليل الودود، الله - جل جلاله - يجعل ذكره لهؤلاء العبيد مكافئاً لذكرهم له في عالمهم الصغير، إن العبيد حين يذكرون ربهم يذكرونه في هذه الأرض الصغيرة، وهم أصغر من أرضهم الصغيرة، والله حين يذكرهم يذكرهم في هذا الكون الكبير، وهو الله العلي الكبير، أيُّ تفضيل !وأيُّ كرم، وأيُّ فيض في السماحة والجود {فاذكروني أذكركم}"18.



أيا صاح هذا الركب قد سار مسرعاً ونحن قعود ما الذي أنت صانع



أترضى بأن تبقى المخلــف بعدهم صـريع الأماني والغرام ينازع



على نفسه فليبك من كان باكيــاً أيذهب وقت وهو باللهو ضائع



حُكِيَ أنه لما حضرت لقمان الحكيم الوفاة بكى، فقال له ابنه: ما يبكيك يا أبت؟ فقال: يا بني لست أبكي على الدنيا، ولا على نعيمها، ولكن على ما أمامي من الشقة البعيدة، والمفازة السحيقة، والعقبة الكئود، والزاد القليل، والحمل الثقيل، ولا أدري أيحط عني ذلك الحمل حتى أبلغ الغاية، أم أثقل حتى أساق إلى النار، فلهذا أبكي، فمات - رحمه اللّه -.



وأنشد بعضهم:



أراني إذا حدثت نفسي بتوبـة تعرض لي من دون ذلك عائق







تقضت حياتي في اشتغال وغفلة وأعمـال سوء كلها لا توافق



طُردت وغيري بالصلاح مقرب ودون بلـوغي مسلك متضايق



وكيف وزلات المسيء كثيـرة أيقــرب عبد عن مواليه آبق



فإن تغفر الذنب الذي قد أتيته فذاك رجـائي والظنون توافق



"ورُوي عن عمر بن ميمون عن ابن مسعود قال: أن الشيطان أطاف بأهل مجلس ذكر ليفتنهم فلم يستطع أن يفرق بينهم، فأتى على حلقة يذكرون الدنيا فأغرى بينهم حتى اقتتلوا، فقام أهل الذكر فحجزوا بينهم، فتفرقوا"19.



عباد الله: "ومما جاء في بشائر الذاكرين ما صح في فضل المؤذنين، إذ هناك أحاديث كثيرة تتحدث عن في فضل المؤذنين؛ حتى إنه لعظم فضل المؤذن، وعلو درجته عند الله؛ سأل أحد الصحابة - رضي الله عنهم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا (يعني فضلهم أعظم من فضلنا) كأنه يقول: فما تأمرنا أن نعمل حتى نلحقهم؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - (واسمعوا إلى ما قال): ((قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تعطه))20 "أي إلا عند الحيعلتين لما مرَّ فيحصل لك الثواب مثلهم"21، ثم أعطاه فائدة أخرى: ((فإذا انتهيت، فسل تعطه)) أي أن دعوتك بإذن مستجابة بعد الأذان.



لكن أحبتي الكرام: ما هو الأجر والثواب الذي يحصل عليه المؤذنون، نتعرف عليه لنكون منهم، أو نقول كما يقولون؟



اسمع أخي الحبيب: لقد جاءت أحاديث نبوية في فضل المؤذنين، لكن نقطف منها هذا الحديث الذي رواه البراء بن عازب - رضي الله عنه - وصححه الألباني - رحمه الله - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مدى صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه))22.



لا إله إلا الله: إن ربي لذو فضل عظيم! ولو اكتفينا بشرح العبارة الأخيرة فقط من هذا الحديث لكفى بها، وتخيل أخي لو كان في مسجد منطقتك مائة مصل في كل فريضة مثلاً، وكنت مؤذناً أو مجيباً مردداً مع المؤذن فإن لك ثواب وأجر المائة مصل الذين صلوا معك، وما معهم من ثواب آخر: مثل أن يكون بعضهم خرج إلى المسجد متوضئاً فخطوة تكتب له حسنة، وخطوة تمحو عنه سيئة، فلك أيضاً هذا الأجر والثواب كما قال العلماء؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((وله أجر من صلى معه))، بل هل تعلم أيضاً ما جاء في فضل الذي يصلي في جماعة؟ استمع إلى ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو أمامة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من مشى إلى صلاة مكتوبة وهو متطهر كان له كأجر الحاج المحرم، ومن مشى إلى سبحة الضحى كان له كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين))23 قال المناوي - رحمه الله -: "أي كثوابها، ولكن لا يلزم التساوي في المقدار"24 فهذا الفضل كذلك من أجر المصلي يكتب كذلك للمؤذن، ولمن أجاب وردد مع المؤذن، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((فله مثل أجر من صلى معه))، ولو حسبنا فقط ما ستناله من ثواب الحج فإنك ستكسب في الفريضة الواحدة ثواب مئة حجة - على افتراض أن المصلين مئة -، فإذا كان في كل صلاة مائة حجة، فإن في الخمس الصلوات خمسمائة حجة، فكأنك عُمّرت خمسمائة عام فحججت في كل عام منها، هذا مع مائة مصل فكيف في يوم الجمعة؟ وكم وكم في هذا الحديث من الفضائل، وإنها والله تجارة مع الله لن تبور.



لا تعجب أخي من فضل الله الواسع، ولكن اعجب من غفلتنا نحن عن هذا الفضل العظيم، ولا تقل: هذا كلام لا يمكن تصديقه، أو فيه مبالغة؛ فأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال: ((لو يعلم الناس ما في النداء - يعني الأذان - والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)) أي يقترعوا: من يؤذن، ومن يكون في الصف الأول؟ ((ولو يعلمون ما في التهجير - أي التبكير، وقيل الإتيان إلى صلاة الظهر في أول وقتها - ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة - صلاة العشاء - والصبح لأتوهما ولو حبوا))25.



إنها تجارة مع الله، ومسابقة ومنافسة بين الأتقياء، لكننا للأسف اليوم نستبق وننافس على حطام الدنيا، وعلى الأسواق ومقاهي الإنترنت، والحدائق والملاهي، في حين أن بيوت الله خالية، والرجال والنساء في غفلة وجهل عن هذا، وفوق ذلك لا يريدون أصلاً أن يتعلموا أو يستمعوا إلا من رحم ربي"26.



فيا أخانا المسلم هل ستقول كما يقول المؤذن بعد هذا؟ أم ستتشاغل بالكلام واللعب؟



ولم أر في عيوب الناس شيئاً كنقص القادرين على التمام



لا إله إلا الله، لو علم الناس بهذا الفضل الكبير من الله لما انشغلوا بأحاديثهم وأعمالهم في أثناء الأذان؛ فإن الأذان هو أحد شعائر الإسلام البارزة التي احتقرها كثير من المسلمين اليوم وللأسف، في حين عرف السلف الصالح حقها، بل قد ورد عن عمر الخليفة - رضي الله عنه - أنه كان يتمنى أن يكون مؤذناً، لولا اشتغاله بمنصب الخلافة!



فتفكر - رحمك اللّه - في ميزانك، واحترز من خسرانك، واعلم أن من لا سيئة له فله الجنة، ومن لا حسنة له فله النار، ومن خلط فالعدل بالميزان، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}27 قال ابن القيم - رحمه الله -: "كلما ازداد الذاكر في ذكره استغراقاً؛ ازداد محبة إلى لقاء ربه واشتياقاً"28، وعن أبي موسى - رضي الله عنه -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه))29.



اللهم رطب ألسنتنا بذكرك، ونوِّر قلوبنا بتقديسك وشكرك يا مجيب الدعاء.







--------------------------------------------------------------------------------



1 روضة المحبين لابن القيم - رحمه الله - (ج1/142- 143).



2 رواه النسائي في السنن الكبرى برقم (9928)، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم (11410) عن أبي أمامة - رضي الله عنه -.



3 صفة الصفوة لابن الجوزي (1/325).



4 رواه الترمذي في سننه برقم (3464)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (62) عن جابر - رضي الله عنه -.



5 شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - رحمه الله - (ج1/ص1644).



6 رواه أبوداود برقم (1531)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (334) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.



7 حادي الأرواح (ج1/ص6).



8 رواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (7200)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (2664).



9 سورة فصلت (35).



10 معجم ابن المقرئ برقم (490)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (113).



11 رواه أحمد في المسند برقم (19612)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1314).



12رواه البخاري برقم (3119).



13 رواه مسلم برقم (7088).



14 سورة البقرة (255).



15 سورة الجمعة (4).



16 بتصرف من كتاب (كيف تطيل عمرك الإنتاجي) تأليف محمد بن إبراهيم النعيم.



17 سورة البقرة (152).



18 في ظلال القرآن (ج1/ص110).



19 آكام المرجان في أحكام الجان للشبلي (ج1/ص204).



20 رواه أبو داود في سننه برقم (524)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (492).



21 عون المعبود لمحمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب(2 / 159).



22 رواه النسائي في السنن الكبرى برقم (1610)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي برقم (646).



23 رواه أحمد في مسنده برقم (22358)، وقال شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.



24 فيض القدير (ج6/ص297).



25 رواه البخاري برقم (624)، ومسلم برقم (1009).



26 بتصرف من كتاب (كيف تطيل عمرك الإنتاجي).



27 سورة الأنبياء (47).



28 مدارج السالكين (ج2/ص423).



29 رواه البخاري برقم (6143)، ومسلم برقم (7004).







كلمات

دروس

بحوث ومقالات

خطب

الإمام والمأموم

أحكام المسجد

إدارة المسجد

الأذان والمؤذن



القائمة البريدية











©جميع الحقوق محفوظة لموقع إمام المسجد 2004

ويحق لمن شاء أخذ ما يريد من مواد هذا الموقع بشرطين : الأول : عزو ما يأخذ إلى موقع

கருத்துகள் இல்லை: